نظم المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة بالشراكة مع اتحاد المساجد المغربية بهولندا وبالتعاون مع جمعية الأئمة بهولندا، ندوة علمية بعنوان ” مستمدات التدين الرشيد: أيمانا وفقها وسلوكا”

تنزيلا للرسالة السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الموجهة للمجلس العلمي الأعلى بمناسبة مرور خمسة عشر قرنا على ميلاد رسولنا الكريم والداعية إلى الاحتفاء بالسيرة النبوية العطرة طيلة هذا العام، نظم المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة بالشراكة مع اتحاد المساجد المغربية بهولندا وبالتعاون مع جمعية الأئمة بهولندا، ندوة علمية بعنوان " مستمدات التدين الرشيد: أيمانا وفقها وسلوكا" وذلك بتاريخ 30 شتنبر 2025 بمدينة ليدن - هولندا

شارك في الندوة نخبة من الأساتذة والباحثين والمتخصصين في المجالات المتعلقة بعنوان الندوة، ورجالات السلك الدبلوماسي المغربي ورؤساء المؤسسسات الدينية، وممثلي الديانة الإسلامية لدى السلطات الهولندية، والخطباء والأئمة والمرشدين الدينيين والمرشدات.

وشهدت الندوة عرض مجموعة من الأوراق البحثية والمداخلات العلمية القيمة، التي ساهمت في إغناء النقاش وتبادل وجهات النظر، والتي قدمها كل من: 

 الأستاذ الدكتور عبد القادر بطار:أستاذ التعليم العالي ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة، وعضو المجلس العلمي المحلي لوجدة

الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري: ، أستاذ الفقه وأصوله بكلية أصول الدين بتطـوان، ورئيس المجلس العلمي المحلي بالمضيق.

الأستاذ الدكتور حسن عزوزي:  أستاذ التعليم العالي بجامعة القرويين، ورئيس المجلس العلمي لجهة فاس مكناس 

سيّر هذه الندوة المباركة الأستاذ عبد الحميد بلقاسمي، عضو جمعية الأئمة بهولندا وخطيب وإمام المركز الإسلامي الإمام مالك. وقد وُزع اللقاء على جلستين

الجلسة الأولى: الجلسة الافتتاحية:

افتتح اللقاء بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم

تلتها كلمة ترحيبية باسم المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، ألقاها فضيلة الأستاذ الطاهر التجكاني عضو المجلس والتي تقدم فيها بالشكر والامتنان لكافة الشركاء، على دعمهم الكريم ورعايتهم لهذه الندوة، ولجميع القائمين على تنظيم هذا الحدث العلمي الهام.

-كلمة سعادة سفير المملكة المغربية بهولندا السيد محمد بصري تقدم فيها بمداخلة سرد فيها شطرا من الرسالة السامية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله، ومذكرا الحاضرين بتاريخ المغرب الحافل والمنفتح على مختلف الثقافات، مستدلا على ذلك بإيواء المملكة المغربية للأندلسيين الفارين من محاكم التفتيش من المسلمين واليهود.

- أما كلمة الأستاذ البقالي الخمار عضو المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة ورئيس جمعية الأئمة بهولندا فقد رحب فيها بالضيوف الكرام مشيدا بهذا اللقاء المتميز الذي يعد حلقة وصل بين الأئمة بعضهم ببعض، وتأكيد على استمرار التعاون وبين الأئمة وبين المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة.

ثم السيد عبد العالي الكبيطي إدريسي: القنصل العام للمملكة المغربية بمدينة روطردام، الذي نوه في كلمته بدوره بهذا اللقاء الهام وشدد على ضرورة التعاون بين المؤسسات المغربية لتقديم صورة مشرفة لمسلمي هولندا.

ثم الأستاذ إدريس البوجوفي رئيس اتحاد المساجد المغربية بهولندا الذي ركز في كلمته على التمثيلية الإسلامية لدى السلطات الهولندية وما حققته من إنجازات في خدمة مسلمي هولندا مع ذكر بعض التحديات التي ينبغي تجاوزها خدمة لهذا الدين وللحضور الإسلامي بالديار الهولندية.

وأخيرا تقدم الأستاذ عبد الكريم برمضان المنسق التنفيذي للمجلس بتقديم عرض للتقرير السنوي الذي أعده المجلس مستعرضا أهم الأنشطة الدينية والثقافية لسنتي 2024-2025.

الجلسة الثانية: الجلسة العلمية

• الأستاذ مصطفى الشنضيض:

ابتدأت الجلسة العلمية بمداخلة قيمة للأستاذ مصطفى الشنضيض تحت عنوان: التدين الرشيد: المفهوم والمصاديق. حاول فيها الأستاذ تفكيك مصطلح التدين الرشيد الذي يطرح بكثرة، خاصة في السياقات الغربية، وأكد بأنه مصطلح يحمل في طياته أبعادا معيارية وتوجيهية، ركز فيها على معيار الفطرة وحسن الخلق والبساطة والصفاء الروحي الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم،  مستحضرا أن الممارسات الدينية المنتشرة في الساحة تنطلق من تصورات قد لا تعبر بدقة عن التدين الإسلامي الفطري الذي تركنا عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا عن تطوره الطبيعي داخل النسق الإسلامي بالمجتمعات المتعددة الثقافات، مشيرا إلى التدينات الموجودة في الساحة الأوروبية هي إصرار على الاستمرار في إفراغ الدين من مضمونه الروحي والأخلاقي.

 وقد ذكر أننا بحاجة إلى إعادة صياغة مضامين وحمولات المفهوم بطريقة تنبع من داخل المرجعية الإسلامية نفسها، وتزرع فينا القدرة على تمثل القيم الإسلامية في واقع معقد، والالتزام بأخلاق الإسلام في بيئة متعددة، والانفتاح على المجتمع مختلف دينيا وثقافيا، والمشاركة فيه بحيوية والتعبير عن إيماننا بلغة عقلانية ومسؤولة.

• الدكتور عبد القادر بطار

تقدم الدكتور عبد القادر بطار بكلمة تحت عنوان: "مرتكزات التوحيد وتجلياته في السيرة النبوية الشريفة" ابتدأ فيها بذكر تحليات التوحيد في الحنيفية السمحة عند أهل الفترة قبل الميلاد النبوي المبارك، ثم في عهد سيدنا محمد صلى الله عيه آله وسلم قبل البعثة، ثم تجليات التوحيد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، والسيرة الشريفةـ وفي عهد الخلفاء الراشدين، مقتبسا ذلك من كتب السيرة النبوية المشهورة كسيرة موسى بن عقبة وسيرة ابن إسحاق ومن بعدهم. 

الدكتور توفيق الغلبزوري:

 جاءت محاضرة الدكتور توفيق الغلبزوري تحت عنوان" مظاهر التيسير في الفقه النبوي من خلال السيرة النبوية العطرة، حجة الوداع نموذجا" تحدث فيها عن التيسير في الفقه والأحكام مذكرا بقاعدة "المشقة تجلب التيسير" من القواعد الخمسة الكبرى في الفقه الإسلامي المبني على التيسير والرحمة، مستعرضا للقواعد الفقهية التي تفرعت عنها، وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي، كقاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع"

و"الحاجة الماسة تنزل منزلة الضرورة"، وذكر أمثلة كثيرة عل ذلك، مستلهما ذلك كله من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن تيسيراته على أمته في حجة الوداع على وجه الخصوص، بقوله "افعل ولا حرج"، وتيسيرات أخرى ذكرها فضيلته.

الدكتور حسن عزوزي:

أما الدكتور حسن عزوزي فقد قدم محاضرة تحت عنوان "التزكية النبوية الشريفة، وقضايا علم السلوك" أبرز فيها مكانة التزكية عند علماء المغرب عبر التاريخ، والذين بنوا تزكية أنفسهم في ذلك على الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، مستحضرا في محاضرته لكبار العارفين بالله كسيدي أحمد ابن عجيبة والولي أبي العباس السبتي

وقد ختم الأستاذ مصطفى الشنضيض هذه المداخلات بكلمة جامعة ألقى فيها الضوء على عنوان الدورة النابع من التدين الرشيد باعتباره التزاما دينيا وأخلاقيا متوازنا، يراعي السياق من دون تفريط، ويعبر عن الهوية الإسلامية بلغة عقلانية مسؤولة، مركزا على القراءة النقدية لمفهوم التدين الرشيد، ومبرزا أهمية السياقات الأوروبية والتحديات التي تواجه مسلميها لتمكين المشاركين من أدوات التحليل الفقهي والسياقي، والمساهمة في فهم الخطاب الديني إيمانا وفقها وسلوكا.

تميزت الندوة بحضور فاعل وتفاعل مثري من قبل الحضور الكريم، حيث قدم عدد من المشاركين تعقيبات دقيقة وأسئلة عميقة، عكست وعيا معرفيا وسياقيا بالمحاور المطروحة، وأسهمت في توسيع دائرة النقاش وتعميق الطرح.

وقد تفاعل الأساتذة المحاضرون مع هذه التعقيبات بقدر كبير من الاهتمام، مما أضفى على الندوة طابعا حيويا وتشاركيا مهما.

وفي الختام رُفعت أكفّ الضراعة بالدعاء لأمير المؤمنين بالنصر والتمكين وبدوام الصحة والعافية له ولسائر أفراد أسرته الشريفة.