جارٍ تحميل التاريخ...

جارٍ تحميل التاريخ...

فتوى متعلق بحكم دخول الحائض إلى المسجد

 

جوابا عن سؤال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
02 ربيع الأول 1427هـ موافق 01 أبريل 2006م

 


 

بالنسبة لموضوع الاستفتاء المتعلق بحكم دخول الحائض إلى المسجد للتعلم والتعليم، وبعد استعراض خلاصة الفتاوى الواردة في شأنه من بعض المجالس العلمية، والاطلاع على مضمونها بين مجيز لذلك ومانع منه، وبعد تبادل وجهات النظر والمناقشة فيه من طرف السادة الحاضرين في اللجنة، ارتأت الهيئة الأخذ بالقول الذي يجيز للحائض الدخول إلى المسجد للتعلم والتعليم، مع تنبيهها إلى وجوب المحافظة على نظافة المسجد ونقائه. تم تأكيد مضمون هذه التوصية في رسالة من السيد الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى إلى السيد مدير التعليم العتيق مؤرخة في 04 جمادى الأولى 1428هـ موافق 21 مايو 2007 م.

**جواب المجلس العلمي المحلي لوجدة:**

بيوت الله هي المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وقد فسر العلماء قوله تعالى: ﴿أن ترفع﴾ بقولهم أن تطهر من الأنجاس والأقذار مثل قوله تعالى: ﴿وطهر بيتي﴾ قاله ابن العربي في كتابه أحكام القرآن. المرأة الحائض ليست نجسة ففي الاستذكار لابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء في طهارة عرق الجنب والحائض. قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « المؤمن لا ينجس » وقالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ناوليني الخمرة من المسجد » فقلت إني حائض فقال: « إن حيضتك ليست بيدك ». هذا الحديث الذي ذكره ابن عبد البر رواه الجماعة إلا البخاري ورواه الدارمي وأحمد. وروى مثله عن أبي هريرة قال: « بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: يا عائشة ناوليني الثوب » فقالت إني حائض فقال: « إن حيضتك ليست في يدك ». رواه مسلم والنسائي وأحمد. وعن ميمونة قالت: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلوا القرآن وهي حائض وتقول إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض ». رواه النسائي وأحمد.

على كون الحائض طاهرة في نفسها بنى محمد بن مسلمة جواز كون الحائض في المسجد إذا استثفرت، أي شدت قبلها بخرقة عريضة تمنع سيلان الدم. نقله الحطاب عن اللخمي. وذكر ابن كثير في أن الأحاديث المتقدمة دلالة على جواز مرور الحائض في المسجد. وقد أباح المالكية للحائض دخول المسجد لعذر، وأما داود فقد أجاز للحائض المرور في المسجد والمكث فيه.

الأقرب ما ذهب إليه المالكية وهو جواز دخول الحائض المسجد لعذر كما جوزوا لها قراءة القرآن لأن أيام الحيض تطول فلو منعت من قراءة القرآن نسيت. جوزوا لها كذلك مس المصحف إذا كانت معلمة أو متعلمة. وقد منع البعض دخول الحائض المسجد محتجا بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ». وبأحاديث أخرى مثله، إلا أن تلك الأحاديث كلها واهية لأنها إما مروية عن غير مشهور ولا معروف بالثقة أو ساقط أو مجهول أو منكر الحديث أو مذكور بالكذب.

**جواب المجلس العلمي المحلي لتطوان:**

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

ذكر الشيخ ميارة في شرحه الكبير على المرشد عند قوله: والكل مسجدا، قال: « أخبر أن الكل من الحيض والنفاس والإنزال إلى آخره، يمنع من دخول المسجد فظاهر التوضيح أنه متفق عليه ». ثم نقل اللخمي أنه خرج جواز دخولها إذا استثفرت بثوب، من قول أبي مسلمة: « لا ينبغي للحائض أن تدخل المسجد لأنها لا تأمن أن يخرج منها ما ينزه المسجد عنه » (ص149 دار الفكر). فالإمام اللخمي يجيز دخولها إذا احتاطت لنفسها بأن اتزرت ووضعت ثوبا في فرجها يمنع من تسرب الدم.

وفي المجموع للإمام النووي: احتج من حرم المكث والعبور بحديث: « لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ». ثم قال: وقال المزني وداود وابن المنذر يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا، وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن أسلم. وقال أحمد يحرم المكث ويباح العبور لحاجة، ولا يباح لغير حاجة، قال: ولو توضأ استبيح المكث، وعلى هذا يمكن قياس الحائض على الجنب.

احتج من أباح المكث مطلقا لحاجة أو غيرها بما ذكره ابن المنذر في الإشراف وذكره غيره، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « المسلم لا ينجس » رواه البخاري من حديث أبي هريرة. وبما احتج به المزني في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد فالمسلم أولى. قلت: وكذلك الحائض. قال النووي: « وأحسن ما يوجه به هذا المذهب، أن الأصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح ».

وبما أن دخول المرأة الحائض للتعليم والتعلم قد يجر إلى قراءة القرآن فقد ذكر الإمام النووي ما يأتي:

فرع في مذاهب العلماء في قراءة الجنب والحائض، قراءة القرآن قليلها وكثيرها، حتى بعض آية. بهذا قال أكثر العلماء كذا حكاه الخطابي وغيره عن الأكثرين. حكاه أصحابنا عن عمر بن الخطاب وعلي وجابر رضي الله عنهم والحسن والزهري والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق. قال داود يجوز للجنب والحائض قراءة القرآن كله، وروى هذا عن ابن عباس وابن المسيب، واختاره ابن المنذر. قال مالك يقرأ الجنب الآيات اليسيرة للتعوذ، وفي الحائض روايتان. المجموع: ج1. ص171-172.

هذا ما تيسر جمعه، وعليه يمكن للحائض أن تدخل إلى المسجد لغرض التعلم والتعليم استنادا إلى بعض أقوال الأئمة، ومن قلد عالما لقي الله سالما.