جارٍ تحميل التاريخ...

خطبة منبرية في موضوع ذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى عيد الشباب المجيدتين ليوم 21 صفر 1447هـ الموافق لـ 15 غشت 2025م

بسم الله الرحمن الرحيم

 وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه

خطبة ليوم 21 صفر 1447هـ الموافق لـ 15 غشت 2025م

“ذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى عيد الشباب المجيدتين

الحمد لله الغالب على أمره، الممتن على عباده الصالحين بتأييده ونصره، المستحق على جلائل النعم جميلَ حمده وجزيلَ شكره، نحمده تعالى على نعمة الأمن والاستقرار، ونعمة النماء والرقي والازدهار، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، القائم بأمر الله في يسره وعسره، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الخيرة، وعلى صحابته الغر الميامين البررة، وعلى التابعين لهم في جمع الكلمة وتوحيد الصف لنصرة الحق والدين.

أما بعد؛ أيها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات، فإن مما يهتم به العلماء ويشغل بالهم في إطار “خطة تسديد التبليغ” ومن قبيل النصيحة الواجبة للمسلمين الحرص على محبة الوطن، والعمل على رعاية مصالحه العليا، وتنشئة الناشئة على ذلك تذكيرا وعملا وقدوة، والبرهنة عليه من خلال ترسيخ القيم الدينية والوطنية وأبرزها؛ التضامن والتعاون على البر والتقوى في جميع الأمور.

ومما يسهم في ذلك ما سنعيشه في هذه الأيام المقبلة من حدثين عظيمين، من ذكرياتنا المجيدة: ذكرى ثورة الملك والشعب يوم عشرين غشت، هذا الإحياء الذي يتوخى منه التذكير بوجوب المحافظة على المكتسبات، والوفاء لمن ضَحَّوْا في سبيل نصرة الحق وحماية الوطن وإعزاز المواطن، والثانية ذكرى عيد الشباب المجيد في الواحد والعشرين من غشت كذلك، هذه الذكرى الدالة على التجديد والاستمرار، والبناء على ما بناه الأسلاف من الأمجاد الخالدة، في ربط الماضي بالحاضر والمستقبل بكل تفان ونكران ذات.

عباد الله؛ يقول الله تعالى:

«يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتَ اَقْدَامَكُمْۖ» [1].

لقد اتخذ آباؤنا وأجدادنا هذه الآية الكريمة شعارا لنضالهم من أجل تحرير وطنهم من براثن الاستعمار، وكوَّنوا لذلك قاعدة صلبة من إيمانهم بالله تعالى، ووحدة كلمتهم ووفائهم للعرش العلوي المجيد والالتفاف حول ملكهم وسلطانهم، حيث قاموا قومة رجل واحد بقيادة أبي المقاومة وقائد التحرير جلالة السلطان المغفور له مولانا محمد الخامس، طيب الله ثراه، وإلى جانبه آنذاك ولي عهده ورفيقه في الكفاح جلالة المغفور له مولانا الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، وحولهم المغاربة كافة في توحيد مطلبهم في أمر واحد وهو رحيل الاستعمار وتحرير البلاد.

وذلك ما أفشل كل مكاييد الاستعمار وخططه التدميرية ومحاولاته البائسة للتفريق بين الشعب الواحد، بكل السبل والوسائل.

وهو ما زاد الشعب المغربي الوفي وحدة والتحاما بالعرش العلوي المجيد، مما أفقد المستعمر صوابه فامتدت يده الأثيمة إلى رمز الأمة وقائد النهضة وأسرته الشريفة، فنفاهم عن البلاد، الشيء الذي زاد حركة المقاومة حدة واستبسالا في كل مناحي البلاد.

وهذا النهوض هو ما اضطر المستعمر إلى الإذعان لمطلب عودة السلطان إلى أحضان وطنه، وبين أهله وذويه رافعا مشعل الحرية والاستقلال، تاليا قوله تعالى بكل اطمئنان واعتزاز:

«الْحَمْدُ لِلهِ اِ۬لذِےٓ أَذْهَبَ عَنَّا اَ۬لْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌۖ» [2].

نعم، إخوة الإيمان؛ ما كان لذلك أن يحدث لولا فضل الله تعالى ونصرته لعباده، تنفيذا لوعده، حيث قال تعالى:

«وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُومِنِينَۖ» [3].

وقال سبحانه:

«ثُمَّ نُنَجِّے رُسُلَنَا وَالذِينَ ءَامَنُواْ كَذَٰلِكَۖ حَقّاً عَلَيْنَا نُنَجِّ اِ۬لْمُومِنِينَۖ» [4]

ثم ما كان عليه آباؤنا من الإخلاص والوفاء لوطنهم حيث استرخصوا كل غال ونفيس في سبيل نصرة قضيتهم العادلة وأمتهم تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك المغفور له مولانا محمد الخامس، طيب الله ثراه، امتثالا لقوله تعالى:

«يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةٗ فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراٗ لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَۖ وَأَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥۖ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْۖ وَاصْبِرُوٓاْۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ مَعَ اَ۬لصَّٰبِرِينَۖ»[5].

وهذا، عباد الله؛ ما يدعونا إلى أن نستلهم منهم هذا التفاني، فنحافظ على مكتسباتهم الغالية، لأن الاستقلال يبدأ باسترداد السيادة، ولكنه يستمر تحققه إلى ما لا نهاية له من المكتسبات والمنجزات، وهكذا ينبغي أن نخلد بالدعاء جميل أمجادهم العالية، ونكون كما كانوا ملتفين حول العرش العلوي المجيد رمز العزة والكرامة، جنودا مجندين وراء مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله وأعز أمره، في المحافظة على المصالح العليا للبلاد، داعين له بالنصر والتمكين، في كل خطواته المباركة في كل وقت وحين.

نفعني الله وإياكم بقرآنه المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة للناس أجمعين، وعلى آله وصحبه أئمة الهدى والدين.

أيها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات؛ أما المناسبة الثانية التي يخلدها الشعب المغربي في الواحد والعشرين من غشت كل سنة، فهي ذكرى عيد الشباب المجيد، التي نشارك فيها جميعا الأسرة الملكية الشريفة فَرحها وابتهاجها بمناسبة ميلاد جلالة الملك محمد السادس، أطال الله عمره في تمام الصحة وجميل العافية.

وإذ نخلد هذه الذكرى الجميلة نستحضر العطاء والأمجاد التي حققها مولانا أمير المؤمنين بفضل الله تعالى خلال ربع قرن من الزمان، على الصعيد الوطني وفي مختلف المجالات، حيث واصل حفظه الله ليله بنهاره، بكل إخلاص وإيمان، في خدمة وطنه وشعبه، محافظا على إرث أسلافه المنعمين، ومضيفا إليه الجديد، محققا من المشاريع الكبرى والمنجزات العظام في مختلف المناحي المادية والمعنوية، مُبَوِّئاً المملكة المغربية المكانة اللائقة بها بين الدول، مما جعل كثيرا من الناس المنصفين  يغبطوننا في نهضتنا وأمننا واستقرارنا ووحدة كلمتنا.

وهذا ما يدعو في هذه المناسبة الغالية شبابنا إلى العمل الجاد والمخلص، أسوة بمولانا أمير المؤمنين، في اغتنام كل فرصة سانحة لخدمة الدين والأمة والوطن، بكل تفان وتضحية، وخدمةِ الثوابت الدينية الجامعة للشمل والضامنة للأمن الروحي والاستقرار للبلاد المتمثلة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني وإمارة المؤمنين.

حفظ الله مولانا أمير المؤمنين بما حفظ به الذكر الحكيم، وبارك له في عمره وصحته حتى يحقق لشعبه وأمته كل ما يصبو إليه من رقي وازدهار. آمين.

هذا، ولنجعل مسك الختام أفضل الصلاة وأزكى السلام على سيدنا محمد النبي الخاتم، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد صلاة وسلاما تامين بما يناسب مقامه ومقداره العظيم.

 وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن باقي الصحب أجمعين.

وانصر اللهم من اصطفيته لخلافة النبوة وقيادة البلاد، وحببت إليه العمل الصالح في خدمة العباد، مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمدا السادس، نصرا تعز به أولياءك، وتنشر به على البلاد ظلك الوارف ولواءك، اللهم متعه بالصحة والعافية، وأسبغ عليه جلائل نعمك الظاهرة والخفية، وأقر عين جلالته بولي عهده المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولانا الحسن، وشد أزر جلالته بشقيقه السعيد، الأمير الجليل مولانا رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

اللهم تغمد بواسع رحمتك ورضوانك، وبجميل عفوك وغفرانك، الملكين الجليلين المجاهدين بكل تفان في خدمة وطنهما، المتحملين شتى أنواع المحن في سبيل نصرة دينك وعبادك: مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأكرم مثواهما، واجعلهما في مقعد صدق عندك.

وارحم اللهم شهداءنا الأبرار، الذين استرخصوا كل ما تميل إليه النفس في الدنيا، وضَحَّوْا بالنفس والنفيس، من أجل دينهم ووطنهم، ولم يُعطُوا الدنية في دينهم، اللهم اغفر لهم وارحمهم، واجزهم عنا خير الجزاء، وأجزل لهم العطاء.

اللهم اجعلنا خير خلف لخير سلف، وأدم علينا نعمك التي لا تحصى، مقرين بفضلك وإحسانك، محافظين على العهد لخدمة الدين والوطن.

ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العاملين.

[1] . سورة محمد 8.

[2] . فاطر 34.

[3] . الروم 46.

[4] . يونس 103.

[5] . الأنفال 46-47.

شاهد أيضا

تصنيفات

At vero eos et accusamus et iusto odio digni goikussimos ducimus qui to bonfo blanditiis praese. Ntium voluum deleniti atque.

Melbourne, Australia
(Sat - Thursday)
(10am - 05 pm)