جارٍ تحميل التاريخ...

جارٍ تحميل التاريخ...

خطة ميثاق العلماء

عدنان ُز الدرس الثالث ذ. هار

 


 

خطة ميثاق العلماء أعلام المغرب  س بن إسماعي َل الفاسي )ت 357 هـ( – ُ- دََّر ا العالم الولي 

 

ه الرحمن الرحيم بسم الله حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير أنبيائه ورسله، وعلى آله وصحبه، الحمد لل 

ومن اقتدى بهم من بعده، أما بعد،  

]لمحة عن تاريخ المذهب المالـكي في المغرب[  

سبق إلى المغرب مذاهبُ فقهية كثيرة قبل المذهب المالـكي، وخصوصا مذهب الأوزاعي ومذهب  ه تعالى؛ وبعد أن بدأت رِحْلا أبي حنيفة رحمهما الل تُ أعلام المغرب إلى البلاد المشرقية للاستزادة من  الرواية وتحصي ِل مرات َب أخرى في الدراية، كان اللقاء في أوساط القرن الثاني يتزايد على إمام الحجاز ن وتتمكن، لخصائ َصُالمغاربة به تمتُعموما وإمام المدينة المنورة خصوصا مال ِك بن أنس، وبدأت علاقة 

 

1 كثيرةٍ في مذهبه، كانت مناسبةً وموافقةً للتدين المغربي 

ثم بعد ذلك أدخل عامر بن محمد بن سعيد القَيْسي -قاضي إدريس بن إدريس- كتابَ « الموطأ » لمالك  بن أنس، فتعلقت أنفاسُ المغاربة بالمذهب المالـكي وتشبثوا به وزاد طلبُهم لأصوله وفروعه، حتى صار  مذهبا رسميا لهم في القضاء والفتوى والفقه.  

1– « مقدمةابن خلدون » .568/1  

الدرس الثالث : أعلام المغرب 1 دراس بن إسماعيل ) ت 357 هـ(  

حنون على يد دََّر اس بن إسماعيل، الذي كانت له اليد البيضاء على توطيدثم دخلت « المدونة » لسُ 

وترسيخ أصول المذهب في هذه البلاد.  

]مختصر ترجمة دراس بن إسماعيل [  

1: أبو ميمونة دراس بن إسماعيل، عالم ُ فاس  

 قال العلامة محمد بن جعفر الكتاني في « سلوة الأنفاس »  

في عصره، الشيخ العلامة الفاضل، الحافظُ الحجة الكامل، الولي الصالح، الهمام الواضح، أحدُ أوتاد  المغرب، وممن أدخل مذهب مالك بلادَ المغرب، وكان الغالبُ عليه في القديم مذهبَ الـكوفيين..  

سا لـكثرة دراسته للعلم. اهـًم َي دَّر ا: وسُ 

2  وقال أبو الحسن الجَزََّن ائِي في « جنى زهرة الآس » 

وقد سمع من شيوخ بلده بفاس، وبإفريقيةَ من أبي بكر ابن الَّل َّب اد، وسمع بالإسكندر ية من علي بن أبي مَطَر كتا َب اب ِن المَّو از، وح دث به بالقيروان، سمعه منه ابن أبي زيد القيرواني وأبو الحسن القَابِسِ ي. 

س الأندل َس، فسمع من أبي الفرج عَبدوس ب ِن خَلَف، وغيرِه…ٌودخل دَّر ا 

أيضا أنه دخل الأندلسَ جامعا بين طلب العلم والر ِباط في الثغور  

3 وذكر القاضي عياض في « الترتيب »  

مجاهدا. قال: وأراه دخل بلدنا. -يعني سبتة.-  

وهكذا كانت بدايةُ هذا العالم الجليل، الذي سيؤس ِسُ بإخلاصه في الطلب ونشاطه في التحصيل  ورِحْلاته الطويلة والمتعددة عهدا جديدا في التدين المغربي، ببنائه ل ِل َبناتِ المذهب المالـكي الأولى، بعد  أن تشَّب ع بأصول هذا المذهب السني، واعتقد في صلاحيته للجواب عن قضايا الناس الدينية والدنيوية،  ُّ قق بأحكام الشريعة ومقاصدها، إضافة لما تمَّي ز به من روح التيسير ورفع الحرج الذي هومع ضمان التح 

من أسسها وأصولها.  

1– « سلوة األنفاس » للكتاني .197/2  

2– « جنىزهرةاآلس » للجزنائيص .21-20 

3– « ترتيباملدارك » .81/6

 

الدرس الثالث : أعلام المغرب 2 دراس بن إسماعيل ) ت 357 هـ(  

كما أنه لم يكن بمنأى ولا عزلةٍ عن قضايا أمته الـكبرى، حتى إنه خرج للأندلس مرابطا في الثغور،  حين دعا لذلك داعي الجهاد بأمر من إمام الوقت، ولم يمنعه الجهادُ أيضا من السير قدُما لتحقيق غرض  مشروعه العلمي الـكبير في جمع الأصول التي تؤث ِثُ البيتَ المالـكي بالمغرب وتؤصل لمباحثه.  

]دَّر اس بن إسماعيل في أعين العلماء والمؤرخين [  

1: كان أبو ميمونةَ من الحف اظ المعدودين، والأئمةِ المبرِ زين من أهل الفضل والدين،  

 قال أبو بكر المالـكي  

ولما طرأ إلى القيروان، اطلع الناسُ من حفظه على أمر عظيم، حتى كان يقال: ليس في وقته أحفظُ  منه؛ وكان نزول ُه عند ابن أبي زيد، وظهر َ تقصيرُه بأهل القيروان، وشفوف ُه على كثير منهم. اهـ  

وقال أبو الوليد ابن الفر َضي في « تاريخ علماء الأندلس » :2 كان: فقهيا ً حَافِظا ً للرأي ع َل َى مَذْهب مَال ِك. اهـ 

3: « كان شيخا صالحا ». اهـ  

 وقال أبو الوليد الباجي  

5 في تقييد له في القبلة، رد به على  

4

ه الَّي ِ سيتَني : ولما ذكر الشيخ أبو عبد الل 

 وقال الكتاني في « السلوة 

جوري، بخصوص محراب القرو يين، وأنه لا انحراف فيه؛ جعل يذكرُالشيخ أبي زيد عبد الرحمن الَّت ا 

جليل …اهـٌظ كبير وعالمٌالأئمة الذين صَّل وا فيه من غير انحراف، ثم قال: وكالشيخ أبي ميمونة، حاف 

ه عارفا عابدا ورعا زاهد. اهـ : وكان رحمه الل 

6

 ثم قال الكتاني  

وذكروا له في هذا قصصا عجيبة وأمورا مستحسنة.  س نستخلص الفوائد الآتية:ٍم ل شهادات العلماء في دراوبتأُّ 

1– « سلوة األنفاس » للكتاني .198/2  

2– « تاريخ علماءاألندلس » البن الفرض ي .173/1  

3– « سلوة األنفاس » للكتاني .198/2  

س َّأبو عبد هللا محمد بن أحمد الي 

4 – « سلوة األنفاس » للكتاني .198/2  

ِّ يتني: بفتح الياءوكسر السين املشددة، نسبةلقبيلة. اهـ-5قال مخلوففي »شجرةالنورالزكية » :409/1 -6 « سلوة األنفاس » للكتاني .198/2 

الدرس الثالث : أعلام المغرب 3 دراس بن إسماعيل ) ت 357 هـ(  

ه بلغ ما بلغ بالاجتهاد والفطنة والذكاء، حتى أدرك درجةَ الحفاظ المتقنين، • أن دراسا رحمه الل 

سواء في علم الرواية أو في علم الدراية.  

  • شهادة أهل القيروان له بالتفرد في مراتبَ عليةٍ فقهيا وحديثا، دليل على أنه سُقِي بالعلوم  والمعارف في فاس التي كانت حاضرةَ العلم والمعرفة بشيوخها ومدارسها ومناهج علمائها، فخرج منها أستاذا، وإن كان ي ُبدي أن غرضَه في الخروج الطلبُ لا التعليم.  

ه بالمذهب الذي نشأ في بيئته واقتنع بأصوَبَِّي تهُ• يلا َحظ في شهادة ابن الفرَضي لدَّر اس، وفاؤ ُحافظا على أصوله واصلا الشرق والغرب بمصادره.وأرجحيتِه، فصار جامعا لشتاته م 

  • ولا يخفى ما في شهادة الباجي لدراسٍ أيضا بالصلاح، أن العالم المستصحِبَ مع علمه صلاحَ  ه بالخير في العالمين؛ ولذلك قال الشيخ أبوُالنافع المؤثر الذي يبقى ذكرُالقلب هو العالمَق وصفاءُالخل 

1: وأقدم مَن عرفناه بهذه الديار من العلماء الزهاد  

توح الَّت لِيدي في « المطرب بمشاهير أولياء المغرب »ُالف 

س بن إسماعيل الفاسي. اهـُسيدي دَّر ا 

  • وأما قصة اليسيتني مع التاجوري في استدلال الأول على صحة قبلة جامع القرويين بصلاة  دراس بن إسماعيل فيه دون نكير، دليل على أنه حجة في نفسه بفعله، فضلا أن يكون حجة في أمور  ِج من اليَِ سيَتني لا يكون إلا بمثل الأفراد منالشريعة بأدلته وبراهينه، ومثل هذا الاحتجا هذه الأمة  الجامعين بين العلم والورع والصلاح والتقوى، كما عبر عنه الكتاني في « السلوة ». 

]وفاة دراس بن إسماعيل[  

، رأى سنة ثمان وخمسين 2 

ً: وذكر ابن الَّت ب َان، أن رجلا 

قال أبو الحسن الجَزََّن ائِي في  » َجنَى زهرة الآس » 

َ في المنام -بالَّر مَادة، وكان منصرفا 

السماء 

من الحج- والأر َض يَبكياَن، فسأل عن ذلك، فقيل له: ماتً 

أبو ميمونةَ در اس بن إسماعيل. اهـ 

-1 « املطرب بمشاهير أولياء املغرب » للتليدي ص .42  2– « جنىزهرةاآلس » للجزنائيص .21-20

الدرس الثالث : أعلام المغرب 4 دراس بن إسماعيل ) ت 357 هـ(  

1 وتوفي بفاس بلده، سنة سبع وخميس وثلاثمائة، كما قال ابن الفر َضي  ]قصة ابن أبي زيد في زيارته لدَراس[  

2: يُحكى أن أبا محمد ابنَ أبي زيد القيرواني قدِم إلى فاس لزيارة دراس  

 قال الكتاني في « سلوة الأنفاس »  

بن إسماعيل، فوجده قد توفي في ذلك اليوم، فحضر جنازت َه وأقام بقبره ثلاثة أيام، ولما أراد الرحيلَ  أنشد: 

يَا حَادِِقِ ْف بِالمَقَابِرِ لِلت وْدِيع فَإ ن فِي َجوْفِهَا قَلْبِي وََأكْباَدِ ه رب ه على دراس وتقبل منه وأعلى مرتبته آمين، والحمد لل رحمة الل العالمين. 

1– « تاريخ علماءاألندلس » البن الفرض ي .173/1  

2 – « سلوة األنفاس » للكتاني .198/2 

الدرس الثالث : أعلام المغرب 5 دراس بن إسماعيل ) ت 357 هـ(