جارٍ تحميل التاريخ...

بث تجريبي

خطبة منبرية في موضوع: «أهمية الصِّيام في حفظ الجوارح وأداء الفرائض والنَّوافل» .

بسم الله الرحمن الرحيم 

 خطبة منبرية في موضوع:  «أهمية الصِّيام في حفظ الجوارح وأداء الفرائض والنَّوافل» 

ليوم: 06 رمضان 1446هـ، الموافق لـ: 07 مارس 2025م.  

الخطبة الأولى

الحمد لله، نحمده سبحانه وتعالى حمد الشَّاكرين لنعمائه، المقرِّين بفضله وآلائه، فضَّل بعض الأزمنة والأمكنة والأحوال على بعض، وجعلها مواسم للإقبال عليه والوقوف على بابه، قال تعالى:

وَهُوَ اَ۬لذِے جَعَلَ اَ۬ليْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةٗ لِّمَنَ اَرَادَ أَنْ يَّذَّكَّرَ أَوَ اَرَادَ شُكُوراٗۖ[1]

ونشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصَّالحين، ونشهد أنَّ سيِّدنا محمد عبده ورسوله إمام المتَّقين، صلَّى الله وسلم عليه وعلى آله الطَّيبين، وعلى صحابته الكرام المهتدين، وعلى التَّابعين لهم في كلِّ وقتٍ وحين.

أمَّا بعد، فيا معاشر المؤمنين، إنَّ من مواسم الخيرات، التي تتنزَّل فيها النَّفحات، شهر رمضان المبارك، ميَّزه ربُّنا سبحانه وتعالى عن باقي الشُّهور بصوم نهاره وقيام ليله، والإقبال على القرآن، ونوافل الطَّاعات والقربات.

وبهذا يكون شهر رمضان من بين الشُّهور وقتاً مباركاً عظيم الأجر والمثوبة، يغتنمه المؤمن فيسعى لنيل محبَّة الله تعالى، أداءً للفرائض والنَّوافل، صياماً بالنَّهار، وقياماً بالليل، ويكفي في فضل صيام رمضان وقيامه قول النَّبي ﷺ:

“من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه”[2].

وما قيل في اغتنام شهر الصِّيام يُقال في اغتنام أوقات الصَّلاة، وأوقات الحجِّ، والأشهر الحُرم، ويوم الجمعة، ووقت السَّحر، وسائر الأوقات الشَّريفة.

وكما يُنمَّى الإيمان بالزَّمن الفاضل، يُقوَّى كذلك بالأماكن الفاضلة التي تُضاعف فيها الأجور، وتُوقِظ العبد من الغفلة، وتعود به إلى ربِّه سبحانه وتعالى؛ كارتياد المساجد، ومجالس الذِّكر والعلم، لما روى البُخاري تعليقا عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، أنَّه كان يقول:

“اجلس بنا نؤمن ساعة”[3].

أي اجلس لنزداد إيماناً على إيماننا، ونقوِّيه بالذِّكر، والنَّصيحة، وتلاوة القرآن. فمجالسة أهل الذِّكر سببٌ قويٌّ من أسباب زيادة الإيمان وتقويته. كيف لا؟ والذِّكر جلاء القُلوب، كما قال أبو الدَّرداء رضي الله عنه:

“إن لكل شيء ‌جلاء وإن ‌جلاء القلوب ذكر الله عز وجل. “[4].

وذِكْرُ الله هو الغاية في العبادات، وهو من أعظم الأعمال شرفاً، فما شُرعت الشَّرائع إلا لإقامة ذكر الله تعالى، وقد قال مولانا رسول الله ﷺ:

“لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله”[5].

ألا فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من حمده وشكره، واغتنموا ما تتقلبون فيه من أوقات الخير بذكره، فهو أفضل الأعمال على الإطلاق في جهره وسره، ولَذكرُ الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي تتوالى على العباد نعمه، وترفع بالطَّاعات وفعل الخيرات بلاياه ونقمه، والصَّلاة والسَّلام على الهادي الأمين، سيِّدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله، إنَّ لربكم في أيَّام دهره لنفحات، ألا فتعرضوا لها، وإن من نفحات الله تعالى التي تُصرف فيها الأوقات والأنفاس، وتغتنم بها مواسم الخيرات لدى أولي الألباب من النَّاس، ويتقوَّى بها الإيمان؛ هذه الأيَّام المباركات لشهر الصِّيام، المخصوص بمزايا لم تكن لغيره من الشُّهور، كما جاء عن النَّبي ﷺ إذ يقول:

«إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنَّة، وغُلقت أبواب النَّار، وصُفدت الشَّياطين»[6].

وممَّا تعمر به أيَّام رمضان ولياليه: تلاوةُ القرآن وتدبُّر معانيه، واستجلاءُ ما تضمَّن من أحكامٍ، وحِكَمٍ، وقصص، وعبر، فتتنزَّل بذلك الرَّحمة، والسَّكينة، والملائكة، ويجزى الذَّاكر بكونه مذكوراً في الملأ الأعلى من قبل ربِّ العالمين جلَّ ذكره، واقتداءً بالرَّسول ﷺ، لما روى البُخاري عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال:

«كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلةٍ من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الرِّيح المرسلة»[7].

وإنَّ من أهداف الصِّيام وغاياته أن يتعاهد المؤمن جوارحه بالحفظ والرِّعاية، وأن يهذِّب نفسه من الشَّهوات ويطهرها من الشُّبهات، فيتعلَّم وهو صائم؛ غض البصر، وحفظ اللسان، وسلامة الصَّدر، وكف الأذى عن النَّاس، والصَّبر على الطَّاعة فعلاً، وعلى المعصية تركاً. وهذه من ثمار الصِّيام الجليلة المفيدة للفرد والجماعة، والمُسهمة في إسعاد المجتمع ليعيش حياة طيِّبة، يأمن فيها النَّاس على أعراضهم، وأنفسهم، وأموالهم.

فما علينا، معاشر المؤمنين، إلا أن نعمر أوقاتنا بفعل الخيرات، ونغتنم هذا الشَّهر المبارك بصادق الإيمان، والعمل الصَّالح، وعمارة بيوت الله، والإنفاق في سبيل الله، وصلة الأرحام، وغير ذلك من أنواع البرِّ فرضِه ونفلِه.

هذا؛ وأكثروا من الصَّلاة والتَّسليم على سيِّد الخلق، وحبيب الحقِّ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فاللهم صلِّ على سيِّدنا محمد، وعلى آل سيِّدنا محمد، كما صلَّيت على سيِّدنا إبراهيم، وبارك على سيِّدنا محمد وعلى آل سيِّدنا محمد، كما باركت على سيِّدنا إبراهيم، وعلى آل سيِّدنا إبراهيم في العالمين إنَّك حميد مجيد، وارض اللهم عن آل بيته الطَّاهرين، وأزواجه الطَّاهرات أمهات المؤمنين، وعن خلفائه الرَّاشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن باقي العشرة المبشرين بالجنَّة، وعن سائر الصحابة أجمعين وعن التَّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

وانصر اللهم من قلدته أمر عبادك، وبسطت يده في أرضك وبلادك، مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السَّادس، نصراً تعزُّ به الدين، وتحمي به ملَّة الإسلام والمسلمين، اللهم احفظه بحفظ كتابك، وأقر عين جلالته بولي عهده، المشمول بعنايتك، صاحب السُّمو الملكي الأمير الجليل مولانا الحسن، وشدَّ أزر جلالته بصنوه السَّعيد، الأمير الجليل مولانا رشيد، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشَّريفة.

وارحم اللهم برحمتك الواسعة الملكين الجليلين، مولانا محمداً الخامس، الذي تذكرنا ذكرى وفاته بوفائه، ويتجدَّد فيها ذكر مآثره الخالدة، والأيادي البيضاء على وطنه وشعبه، ممَّا يوجب علينا الدُّعاء له ولرفيقه في الكفاح مولانا الحسن الثَّاني، بالمغفرة والرِّضوان، لما أسديا من صنائع المعروف والإحسان، اللهم طيِّب ثراهما، وأكرم مثواهما، واجعلهما في مقعد صدق عندك.

وارحم اللهم آباءنا وأمهاتنا وسائر موتانا وموتى المسلمين. اللهم تقبل منَّا الصلاة والصيام والقيام وتلاوة القرآن. اللهم اجعلنا في هذا الشَّهر من عتقائك من النَّار. آمين.

ربَّنا آتنا في الدُّنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النَّار.

سبحان ربِّك ربِّ العزَّة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.

[1]– سورة الفرقان، الآية: 62.

[2] – صحيح البخاري كتاب فضل ليلة القدر، باب فضل ليلة القدر 1/16. رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 1081

[3] – صحيح البخاري كتاب الإيمان، باب الإيمان وقول النبي ﷺ بني الإسلام على خمس، 1/10.

[4] – شعب الإيمان للبيهقي فصل في إدامة ذكر الله تعالى، 2/63.

[5] – سنن الترمذي أبواب الدعوات، باب فضل الذكر 5/457. رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 9931

[6] – صحيح مسلم كتاب الصيام، باب فضل شهر رمضان، 2/758. رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 1609

[7]– صحيح البخاري كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ، 1/8. رقم الحديث بمنصة محمد السادس للحديث الشريف: 11742

شاهد أيضا

At vero eos et accusamus et iusto odio digni goikussimos ducimus qui to bonfo blanditiis praese. Ntium voluum deleniti atque.

Melbourne, Australia
(Sat - Thursday)
(10am - 05 pm)